إعداد : يوسف زروق
سبع بولبطاين حفل تنكري اعتاد عليه المغاربة منذ مئات سنين ، يصاحب طقوس التضحية، وتقتضي هذه الحفلة التنكرية ان يلف احد الشباب جسمه بسبعة من فراء
الاضاحي اي جلودها او ما يطلق عليه بالعامية "الهيدورة "التي تم نحرها
ويضع فوق رأسه رأس خروف ويعلق على ذراعيه قوائمه ، فيصبح بذلك اشبه مايكون
بكائن مسخ مشوه الصورة او الخلقة يثير منظره تقزز وهلع الاطفال الصغار ،
ومظهر مضحك وهزلي بالنسبة للكبار ، ويقوم (( سبع بولبطاين )) هذا بصحبة
مرافقيه بجولة على جميع دروب الدوار او القرية او الخيمة بغية جمع المال
والهدايا من أهل الدوار والترع له بما ملكت أيديهم عرفانا وقربانا لهذه
الاضحية واستنجادا وطلبا للخير والرفاه .وخلال هذه الجولة التي يقوم بها
سبع بولبطاين فهو يعمل على مطاردة الاطفال واللعب معهم فيلتفون حوله وعلى
وجوهم الدهشة والبسمة احيا...نا
فيوجه لهم الضربات بقوائم الكبش المعلقة على أكمامه ، وتستمر هذه
الملاحقات ساعات طويلة في جو تطبعه الفكاهة والمزاح واللعب المتفكه .
فالتضحية مكون رئيسي من المكونات الاساسية للمجتمعات البشرية ، وكل
الثقافات هي منتوج لعنف أصلي تم تجاوزه عن طريق سن طقوس التضحية . اما
بخصوص هذا الحفل التنكري فقد رأى فيه "" فسترمارك " طقساً وثنياً ترجع
أصوله إلى إعياد الزحل الرومانية الشهيرة Saturnals تم إلحاقه بالأعياد
الإسلامية في معظم مجتمعات إفريقيا الشمالية وخصوصا بالمغرب الأقصى ،
والذي لازال يمارس الى يومنا هذا خصوصا ببعض مناطق الاطلس والحوز ودكالة
بالمغرب ، وقد جعل" إدموند دوتي "منه لعباً جماعياً يمكَِن الفئات المهمشة
من التعبير عن رغباتها ووسيلة لتفريغ العنف الكامن داخلها .
اما
بالنسبة ل عبد الله الحمودي في كتابه الشهير " الضحية وأقنعته " فوجد فيه
تعبيراً ملتوياً عن التوثرات والصراعات الاجتماعية ، فهذا الحفل التنكري
سبع بولبطاين يقلب بصورة منطقية مركز السلطة الذي تحيل عليه شعيرة الأضاحي
.
لكن هذا الحفل التنكري وهذه الشخصية الكوميدية الساخرة والتي
تأخد بعداً رمزيا له من الدلالة مايكفي لفرض أيقونات سوسيوايديوليوجية على
التحولات المجتمعية وكيفية أسلمة المقدسات والطقوس الوثنية بالمجتمعات
الاسلامية . لكن هذه الطقوس وغيرها تمشي بخطوات سريعة نحو الانقراض
والاختفاء امام الزخم الكبير للتكنولوجيا االاعلامية ، وعوالم الافتراض
التي بدورها أصبحنا نتحدث عن أسلمتها لتتحول الى طقوس العولمة .
إعداد : يوسف زروق
سبع بولبطاين حفل تنكري اعتاد عليه المغاربة منذ مئات سنين ، يصاحب طقوس التضحية، وتقتضي هذه الحفلة التنكرية ان يلف احد الشباب جسمه بسبعة من فراء الاضاحي اي جلودها او ما يطلق عليه بالعامية "الهيدورة "التي تم نحرها ويضع فوق رأسه رأس خروف ويعلق على ذراعيه قوائمه ، فيصبح بذلك اشبه مايكون بكائن مسخ مشوه الصورة او الخلقة يثير منظره تقزز وهلع الاطفال الصغار ، ومظهر مضحك وهزلي بالنسبة للكبار ، ويقوم (( سبع بولبطاين )) هذا بصحبة مرافقيه بجولة على جميع دروب الدوار او القرية او الخيمة بغية جمع المال والهدايا من أهل الدوار والترع له بما ملكت أيديهم عرفانا وقربانا لهذه الاضحية واستنجادا وطلبا للخير والرفاه .وخلال هذه الجولة التي يقوم بها سبع بولبطاين فهو يعمل على مطاردة الاطفال واللعب معهم فيلتفون حوله وعلى وجوهم الدهشة والبسمة احيا...نا فيوجه لهم الضربات بقوائم الكبش المعلقة على أكمامه ، وتستمر هذه الملاحقات ساعات طويلة في جو تطبعه الفكاهة والمزاح واللعب المتفكه .
فالتضحية مكون رئيسي من المكونات الاساسية للمجتمعات البشرية ، وكل الثقافات هي منتوج لعنف أصلي تم تجاوزه عن طريق سن طقوس التضحية . اما بخصوص هذا الحفل التنكري فقد رأى فيه "" فسترمارك " طقساً وثنياً ترجع أصوله إلى إعياد الزحل الرومانية الشهيرة Saturnals تم إلحاقه بالأعياد الإسلامية في معظم مجتمعات إفريقيا الشمالية وخصوصا بالمغرب الأقصى ، والذي لازال يمارس الى يومنا هذا خصوصا ببعض مناطق الاطلس والحوز ودكالة بالمغرب ، وقد جعل" إدموند دوتي "منه لعباً جماعياً يمكَِن الفئات المهمشة من التعبير عن رغباتها ووسيلة لتفريغ العنف الكامن داخلها .
اما بالنسبة ل عبد الله الحمودي في كتابه الشهير " الضحية وأقنعته " فوجد فيه تعبيراً ملتوياً عن التوثرات والصراعات الاجتماعية ، فهذا الحفل التنكري سبع بولبطاين يقلب بصورة منطقية مركز السلطة الذي تحيل عليه شعيرة الأضاحي .
لكن هذا الحفل التنكري وهذه الشخصية الكوميدية الساخرة والتي تأخد بعداً رمزيا له من الدلالة مايكفي لفرض أيقونات سوسيوايديوليوجية على التحولات المجتمعية وكيفية أسلمة المقدسات والطقوس الوثنية بالمجتمعات الاسلامية . لكن هذه الطقوس وغيرها تمشي بخطوات سريعة نحو الانقراض والاختفاء امام الزخم الكبير للتكنولوجيا االاعلامية ، وعوالم الافتراض التي بدورها أصبحنا نتحدث عن أسلمتها لتتحول الى طقوس العولمة .