المعرفة المعرفة

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

آفة المخدرات وأثارها على الشباب







إعداد يوسف زروق




·المحاور : 

·     مقدمة
·     لمحة تاريخية  
·     تعريف المخدرات                                      

·     أسباب المخدرات                                       
·      آثار المخدرات                                     
·     دور الأسرة في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات والوقاية منه
·     دور وسائل الإعلام في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات والوقاية منها                                                                                    

·      ختام

مقدمة
المخدرات هي الآفة الخطيرة القاتلة التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة في كافة المجتمعات بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبحت خطراً يهدد هذه المجتمعات وتنذر بالانهيار. والمخدرات هذه السموم القاتلة، ثبت من الأبحاث والدراسات العلمية أنها تشل إرادة الإنسان، وتذهب بعقله، وتحيله بها لأفتك الأمراض، وتدفعه في أخف الحالات إلى ارتكاب الموبقات. وتبعاً لانتشار هذه المخدرات ازداد حجم التعاطي، حتى أصبح تعاطي المخدرات وإدمانها وترويجها مصيبة كبرى ابتليت بها مجتمعاتنا الإسلامية في الآونة الأخيرة، وإن لم نتداركها ونقض عليها ستكون بالتأكيد العامل المباشر والسريع لتدمير كياننا وتقويض بنيانه، لأنه لا أمل ولا رجاء ولا مستقبل لشباب يدمن هذه المخدرات، والخوف كل الخوف من مجتمع تروج فيه المخدرات، ذلك لأن الأفراد الذين يتعاطون المخدرات يتطور بهم الحال إلى الإدمان والمرض والجنون، ليعيشوا بقية عمرهم ـ إذا امتد بهم العمر ـ في معزل عن الناس وعلى هامش الحياة لا دور لهم ولا أمل
                                                                                                

وبزيادة إقبال الشباب على تعاطي المواد المخدرة، لم يعد الأمر مقتصراً على مجرد حالات فردية يمكن التعامل معها، من خلال المنظور الفردي، سواء بالعلاج الطبي أو الجنائي، بل تحول الأمر إلى ظاهرة اجتماعية، بل مأساة اجتماعية خطيرة، وهنا لابد أن ننظر إليها من مستوى اجتماعي وقومي.

ومن خلال هذه الدراسة نساهم في جلاء هذا الأمر ووضعه في مكانه الصحيح، لأن وضع قضية الإدمان في حجمها الحقيقي، بالأرقام والإحصاءات وتقدير حجم المخاطر والصعاب، يحدد ماهية الأدوار المطلوبة لمواجهتها، وكذلك الكيفية بالطرق المناسبة مع البيئة التي نعيش فيها بظروفها الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية                  

 لمحة تاريخية                                                                             

إن استخدام المخدرات قديم قدم البشرية وعرفتها أقدم الحضارات في العالم فقد وجدت لوحة سومرية يعود تاريخها إلى الألف الرابعة قبل الميلاد تدل على استعمال السومريين للأفيون وكانوا يطلقون عليه نبات السعادة وعرف الهنود والصينيون " الحشيش " منذ الألف الثالث قبل الميلاد كما ورد في كتاب صيدلة ألفه الإمبراطور شينغ نانج، كما وصفه هوميروس في الأوديسا.

وعرف الكوكائين في أمريكا اللاتينية منذ 500 عام ق.م وكان الهنود الحمر يمضغون أوراقه في طقوسهم الدينية. أما القات فقد عرفه الأحباش قديماً ونقلوه إلى اليمن عام 525 ميلادي.

وفي أوائل القرن التاسع عشر تمكن الألماني سيدترونر من فصل مادة المورفين عن الأفيون وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى مورفيوس إله الأحلام عند الإغريق.

وفي المشرق الإسلامي يرجح ابن كثيرأن الحسن بن الصباح في أواخر القرن الخامس الهجري، الذي كان زعيم طائفة الحشاشين، وكان يقدم طعاماً لأتباعه يحرف به مزاجهم ويفسد أدمغتهم. وهذا يعني أن نوعاً من المخدرات عرفه العالم الإسلامي في تلك الحقبة.

ويرى المقريزي أن ظهور الحشيشة كان في أول القرن السابع الهجري على يد "الشيخ حيدر" من جهلاء المتصوفة وكان يدعوهم بحشيشة الفقراء.

تشير دراسات عديدة إلى أن ظاهرة تعاطي المخدرات والمسكرات قد عرفت في المجتمعات والحضارات القديمة، كالحضارة الفرعونية والرومانية واليونانية والصينية والعربية وغيرها.

ويقال بأن الفراعنة هم أول من عرف المخدرات في منطقتنا العربية. وكان أهمها المخدرات المشتقة من نبات الخشخاش والقنب، لكن استعمال هذه النباتات وما يشتق منها من المخدرات كان مقصوراً على مجالات بعيدة عن الإدمان، حيث كانت تستعمل في مجال الطب، فالأفيون كان يستخدم لعلاج أمراض العيون وعمل مراهم لآلام الجسم، وكذلك كان يصنع منه مساحيق لنفس الأغراض، كما كان الخشخاش المعروف باسم نبات "شبن" في ذلك الوقت يستعمل كدواء لتهدئة الأطفال من الصراخ.

وقد عرف العرب في الجاهلية قبل الإسلام الخمر، وكذلك في بداية العهد الإسلامي حتى نزل تحريمها، وقد عرف العرب فيما بعد الأفيون والحشيش، ويذكر الباحثون أنه دخل إلى الجزيرة العربية وبعض الدول العربية الأخرى عن طريق الغزوات التي تعرضت لها الجزيرة العربية، وكذلك بعض الدول العربية، حيث دخلها المغول واختلطت حضارة العرب بالحضارات الأخرى، مما كان له أبعد الأثر في ترويج انتشار هذه المخدرات في عالمنا العربي والإسلامي، وإن كانت في البداية تستعمل لبعض الأغراض الطبية، ثم أسيء استعمالها.

ومع بداية القرن الحالي أخذت إساءة استعمال المخدرات تشغل بالولاة ، حيث بدأت تتدفق على البلاد كميات ضخمة من الحشيش والأفيون من بلاد اليونان، وأقبل على تعاطيها كثير من فئات الشعب في الريف والمدن، بعد أن كان التعاطي محصوراً في نطاق ضيق على بعض الأحياء الوضيعة في المدن، وذلك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما تمكن كيميائي يوناني من إدخال الكوكايين إلى مصر وتقديمه إلى الطبقة العليا. ثم انتشرت بعد ذلك عادة تعاطي الكوكايين بسرعة امتدت إلى الطبقات الأخرى، نظراً لكونه أسهل تناولاً وأنفذ أثراً، ثم أخذ الهيروين يظهر مع العمال الذين كانوا قد رحلوا إلى فلسطين أثناء الحرب للعمل مع القوات المتحاربة، وهناك شاهدوا ما يفعله الهيروين في تسكين الآلام للخيول وكبح جماحها، فلذَّ لهم أن يجربوه لينسيهم همومهم. وعاد الهيروين معهم يوم أن عادوا إلى بلادهم، مع مرور الوقت أخذ الهيروين يحتل المكانة الأولى في التعاطي والاتجار غير المشروع، حتى قامت الحرب العالمية الثانية وتقلصت حركة تهريب المخدرات البيضاء إلى البلاد العربية، وهنا ارتفع ثمنها، فقام التجار الجشعون بترويج كميات كبيرة من المخدرات السوداء "الحشيش والأفيون" التي غمرت السوق، وبأثرها انتشر التعاطي واتسع مداه لرخص ثمنه.

وفي السنوات التي أعقبت حرب 1968م قل المعروض من الحشيش والأفيون في البلاد العربية، كنتيجة لإغلاق الطريق البري عبر سيناء في وجه المهربين،، وكان من جراء ذلك أن ظهرت مشكلة إساءة استعمال المواد المؤثرة على الحالة النفسية "الباربتيورات والأمفيتامينات"، وهي مواد تحدث آثاراً مشابهة لتلك التي تحدثها المخدرات الطبيعية، وإن كانت تتسم بوفرتها ورخص ثمنها، وأن أغلبها لم يكن يشمله التجريم.

ونتيجة لحركة التغيير الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تعرض لها العالم العربي والإسلامي منذ ستينيات هذا القرن، وعلى أثرها بدأ يلعب دوره بشكل بارز وواضح في معظم القضايا المحلية والعالمية، وأصبح لدية طاقة شبابية وفكرية واعدة، ظهر تأثيرها وتفاعلها الخارجي عما كان عليه في السابق، أضحى هذا التأثير والتفاعل مصدر إزعاج وخطر لبعض الدول التي حز في نفسها هذا التأثير والتفاعل، ورغم تحرر معظم الدول العربية والإسلامية في ذلك الحين من ربقة الاستعمار والتبعية، إلا أن الدول المستعمرة أبت ألا تترك مستعمراتها دون إحداث تخلخل في البيئة الداخلية لهذه الدول، فلجأت إلى غزو جديد من نوع جديد بسلاح جديد سُمَّي غزو المخدرات، عملت عن طريقه على إضعاف التركيبة الداخلية لتلك المجتمعات، وتقويض مقوماتها الأساسية وإتلاف شرايين حركته المتمثلة في شبابه، الذي إن تم السيطرة عليه ضعف تأثيره، وضعف تبعاً له تأثير هذه الدول في الإطار العالمي.

وطبقاً لهذه الخطة المحكمة التي خطط لها ذئاب الاستعمار والصهاينة، انتشرت المخدرات بأنواعها المختلفة وبكميات كبيرة، وغزت أغلب المجتمعات العربية حتى أشد المحافظين منها، وتبعاً لذلك ازدادت ظاهرة الإدمان توهجاً واشتعالاً واتسع مداهوتزايدت أعداد أعداد ضحاياها يوماً بعد يوم، وصارت تستنزف جزءاً غالياً من ثروات البلاد المالية والمعنوية، يزيد الأمر ضرواة أن حجم آفة الإدمان في بلادنا غير معروفة تماماً، وأن ما ينشر من أرقام وإحصائيات لا يعبر بصدق تام عن حجم المشكلة وشدتها، ففي الوقت الذي تضبط فيه حالة أو حالتين تفلت حالات كثيرة، لأن المشتركين في هذه المشكلة أطراف عديدة، تبدأ من الممول والمهرب، مروراً بالتاجر والموزع وأخيراً المتعاطي.

تعريف المخدرات

ليس  تهناك تعريفاً عاماً جامعاً يتفق عليه العلماء المتخصصون، بحيث يوضح مفهوم المواد المخدرة بوضوح وجلاء، وإن كان هناك مجموعة من التعريفات الاصطلاحية للمخدرات، حيث عرفت المخدرات بأنها:

 -المادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع فقد الوعي أو دونه، وتعطي هذه المادة شعوراً كاذباً بالنشوة والسعادة، مع الهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال.
-
هي كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على جواهر منبهة أو مسكنة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية الموجهة أن تؤدي إلى حالة من التعود والإدمان عليها مما يضر بالفرد والمجتمع جسمياً ونفسياً واجتماعياً.

هي كل مادة تؤدي إلى افتقاد قدره الإحساس لما يدور حول الشخص المتناول لهذه المادة أو إلى النعاس، وأحياناً إلى النوم لاحتواء هذه المادة على جواهر مضعفةأو مسكنة أو منبهة، وإذا تعاطاها الشخص بغير استشارة الطبيب المختص أضرته جسمياً ونفسياً واجتماعيا.

ويعرفها البعض من خلال زاويتين كالتالي:

هي كل مادة تعمل على تعطيل أو تغيير الإحساس في الجهاز العصبي لدى الإنسان أو الحيوان، وذلك من الناحية الطبية، أما الناحية الشرعية: فهي كل مادة تقود الإنسان إلى الإدمان وتؤثر بصورة أو بأخرى على الجهاز العصبي.

ويعرفها بعض الباحثين من خلال زاويتين مختلفتين: إحداهما علمية، والأخرى قانونية، فيعرفها:

*
علمياً: بأن المخدر هو مادة كيميائية تسبب النعاس والنوم ،أو غياب الوعي المصحوب بتسكين الألم.

*
وقانونياً: بأن المخدرات هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان، وتسمم الجهاز العصبي، ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون، ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص لهم ذلك

(1
حسب حالة وقدرة الشخص الصحية.

مما سبق يمكن تعريف المخدرات على أنها:

"
كل مادة مسكرة أو مفترة طبيعية أو مستحضرة كيميائياً من شأنها أن تزيل العقل جزئياً أو كلياً، وتناولها يؤدي إلى الإدمان، بما ينتج عنه تسمم في الجهاز العصبي، فتضر الفرد والمجتمع، ويحظر تداولها أو زراعتها، أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون، وبما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية".

4.
أسباب انتشار المخدرات :

لانتشار المخدرات أسباب مختلفة منها ما يتعلق بطبيعة هذه المواد، أو شخصية متعاطيها والظروف البيئة والحضارة والسياسية الاستعمارية في العالم المعاصر.

نعم .. لقد كان للاستعمار ومخططاته لاستعباد العالم الإسلامي والدول النامية عموماً أثر كبير في انتشار المخدرات على نطاق واسع من أجل السيطرة عليه بشل طاقات الأمة وقتل نفوس أفرادها كما فعلت بريطانيا عندما شجعت على زراعة الأفيون في الهند ومصر وكما فعلت من أجل السيطرة على الصين عندما أوحت إلى عملاتها بزراعة الحشيش في أرضيها والذي مكنها من استعمارها الصين أكثر من ثلاثة قرون.

ولعل أهم الأسباب الاجتماعية الظروف الصعبة في العمل وانتشار البطالة وكثرة انتشار الأفلام الهابطة التي تروج لها. والتقليد الأعمى الذي يسيطر على مراهقينا مع الفقر الذي يلجئهم للبحث عمن يعطيه أو يغنيه فيتلقفه أرباب الفساد وتجار الرذيلة .

وفي بحث أجراه الدكتور الطيار على مجموعة من المساجين من متعاطي المخدرات بين فيه أن المشاكل الأسرية والخلاف بين الزوجين كثيراً ما يدفع أفراد الأسرة للجوء إلى المخدرات هرباً من الواقع المؤلم الذي يعيشونه وكذا سوء معاملة الأولاد، أو الإفراط في تدليلهم وتلبية رغباتهم. كما يعتبر سفر أبنائنا إلى الخارج وسرعة التنقل من الأسباب التي سهلت لهم امكانية الحصول على الجنس والمخدر بعيداً عن رقابة الأهل. كما بين أن العمالة الأجنبية هي من أخطر المصائب التي ابتليت بها مجتمعاتنا المحافظة حيث ينقل العمال الأجانب إلى الأسر التي يعيش فيها تقاليدهم وعاداتهم فكان للعمالة الأجنبية باع طويل في تهريب المخدرات والترويج تروج لها .

وهناك ارتباط وثيف بني انتشار المخدرات وانتشار الأمراض المنتقلة الجنس وخاصة الإيدز فهناك حلقة مفرغة بنيهما فتعاطي المخدرات يؤدي إلى انتشار هذه الأمراض، كما أن الإصابة بتلك الأمراض الجنسية يغلب معها إدمان المخدرات.

والأهم من ذلك كله الخواص الدوائية للعقار المخدر والتي تسبب الاعتماد فالإدمان. فاستعمال المنومات يومية يؤدي بعد شهر إلى الإدمان عليها، والحقن الوريدي للعقار أسرع في أحداث الاعتياد من تناوله الفموي. كما أن سرعة الحصول على العقار ترفع نسبة التعاطي والإدمان، كما أن هناك بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب والفصام تعتبر من العوامل الهامة المؤهبة للإدمان.

ونحب أن نشير إلى أن ضعف الوازع الديني وعدم اللجوء إلى الله في الشدائد من العوامل الهامة في إحداث الإدمان، ذلك أن الإنسان المتدين بعيد جداً عن جحيم الاعتياد إذ لا يمكن أن تمتد يده إلى المخدر لا بيعاً ولا تداولاً ولا تهريباً لأن طريق المخدرات هو طريق الشيطان ولا يمكن لطريق الرحمن أن يلتقي بطريق الشيطان .

والفراغ عند المراهق الذي لا يقدر قيمة للوقت، وقرناء السوء من العوامل الهامة في الإدمان.

ونحن نرى أن غفلة المشّرع في بعض الدول بتخفيف العقوبات الجنائية عن المدمن حالة ارتكابه لجريمة ما، ساعد على انتشار المخدرات والمسكرات بشكل عام.

آثـــار المخدرات

إن المدمن على المخدرات هو قتيل بين الأحياء، لكن روحه لا تزال متعلقة بجسده تتنازعه البقاء. وهو هزيل نحيل شبه مشلول فقد صحته وانحدرت نفسه.

- الآثار الاجتماعية :

يتنامى تدهور صحة المدمن حتى يصبح عاطلاً عن العمل وهو عضو غير منتج في المجتمع، يميل إلى ارتكاب الجرائم، غير متحمل لمسئوليته كراع في أسرته، وينفق موارده لتحصيل ما يتوهم فيه اللذة من مخدر تاركاً أفراد أسرته دون طعام ولا كساء مما يؤدي إلى كثرة حدوث الطلاق في تلك العائلات، كما تكثر ولادة أطفال مشوهين الخلقة، ضعيفي البنية في أوساط المدمنين. وعندما يعجز المدمن عن تأمين المخدر بالطرق المتاحة كثيراً ما يلجأ لإجبار زوجته أو ابنته على البغاء. فانتشار المخدرات علامة على الرذيلة بكل صورها.

  - الآثار الصحية والنفسية:

لكل مخدر أثره الخاص على العضوية، ذكرناه في أول البحث وسنلخص هنا الآثار المدمرة التي تشترك بها كافة المخدرات " المكيفة "

فالإدمان يؤدي إلى ضمور قشرة الدماغ التي تتحكم في التفكير والإدارة. وتؤكد الأبحاث الطبية . أن تعاطي المخدرات، ولو بدون إدمان، يؤدي إلى نقص في القدرات العقلية وإلى إصابة خلايا المخيخ بالضمور مما يخل بقدرة الشخص على الوقوف من غير ترنح.

أما انحلال نخاع القنطرة الوسطى عند المدمن فيؤدي إلى شلل النصف السفلي من الجسم. كما يصاب المدمن بنوبات من الهذيان والارتعاش وفقدان الوعي وتتليف كبده وتضخم طحاله كثيراً، ويصاب التهاب الأعصاب المتعددة، ومنها العصب البصري، المفضي إلى العمي وإلى التهاب مزمن في البلعوم والمرئ قد يفضيان إلى سرطان المرئ.

والقيء المتكرر، وفقدان الشهية يؤديان بالمدمن إلى الهزال الشديد، كما أن المخدرات تهيج الأغشية المخاطية للأمعاء والمعدة وإلى احتقانهما وتقرحاتهما. وما ينجم عن ذلك من نوبات إسهال وإمساك وسوء هضم مع سوء امتصاص للغذاء يزيد الطين بلة .

وكل المخدرات، يدعي متعاطوها أنها مثيرة جنسياً وأنها تزيد في متعتهم غير أن الباحثين يؤكدون أن الإدمان في خاتمة المطاف يؤدي إلى العجز الجنسي والعنانة الكاملة عن الرجل وإلى البرود الجنسي عند المرأة.

من أبرز أضرار المخدرات النفسية الشعور بالاضطهاد والكآبة والتوتر العصبي النفسي وحدوث أهلاس سمعية وبصرية مثل سماع أصوات ورؤية أشياء لا وجود لها، وتخيلات قد تؤدي إلى الخوف فالجنون أو الانتحاء، كما يحدث اضطراب في تقدير الزمان والمكان مما ينتج عنه أحكام خاطئة، وضعف في التركيز. مما يقلل من تفاعل المدمن مع محيطه بحيث لا يسعده شيء سعادته بالحصول على المخدرات.

 
دور الأسرة في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات والوقاية منه

لقد عني الإسلام ببناء المجتمع الذي أساسه بناء أسرة المسلمة، حيث إن الأسرة هي: المحضن الأساسي الذي يتلقي فيها النشء الفضائل والقيم والآداب في جو من التربية الإسلامية من أب وأم وأولاد.

الأسرة كنظام اجتماعي:

حيث تعرف النظم الاجتماعية: بأنها الطرق التي ينشئها المجتمع وينظمها لتحقيق حاجات إنسانية ضرورية. والأسرة من الظواهر الاجتماعية التي ينطبق عليها تعريف النظام الاجتماعي، فهي عبارة عن وظائف حيوية متشابكة ومتداخلة محاطة بمجموعة من المعايير الاجتماعية، تنسق عملها وتسهل مهمتها وتربطها بنظم أخرى، كالنظم التربوية والدينية والاقتصادية، ولذلك فالأسرة كنظام اجتماعي يتصل بمعظم أوجه النشاط في المجتمع.

ويتم دور الأسرة في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات من خلال بعض الوظائف السابقة التي تضطلع الأسرة بالقيام بها يمكن علاج ظاهرة تعاطي المخدرات… والوقاية منها؛ فعلى الآباء والأمهات واجبات نحو أبنائهم، قبل أن يكون على الأبناء واجبات نحو آبائهم، ومسئولية الأسرة ليست قاصرة على المصروف والكسوة والأكل وتوفير أسباب الراحة وغير ذلك من الأمور المادية، بل إن الأسرة عليها معول كبير في تنشئة الطفل حسنَ الخلق وسويَّ الطباع، متشرباً للقيم والعادات الإسلامية الصحيحة، وفي ذلك وقاية للطفل الناشئ من الانحراف وتعاطي المخدرات.

كما أن الأسرة من خلال حماية أفراد الأسرة تدفع عنهم كل خطر يهدد حياتهم، سواء من التصرفات غير الاجتماعية أو غير ذلك، وحماية الأفراد من خطر تعاطي المخدرات إنما يتم للأسرة من خلال حديث الأب مع أبنائه وتبصيرهم بهذا الخطر الداهم، وجذب انتباههم لمواجهة هذه المشكلة المجتمعية الخطيرة بإمدادهم ببعض الكتب والمنشورات التي تحثهم على تكوين اتجاهات سالبة نحو المخدرات والعقاقير، وفي حالة خطأ أحد الأبناء وانحرافه لتعاطي المخدرات، فعلى الأب أن يصطحب ابنه لأقرب مؤسسة علاجية حينما يشاهد عليه أيًّا من السمات التي يمكن من خلالها الحكم على هذا الابن أنه يتعاطى المخدرات.

وحينما تكون الأسرة قدوة صالحة لأبنائها ستصدق أعمالها وأقوالها، وينشأ الفتى في بيئة نقية بعيدة عن الانحراف، وترسم لهم الأسرة بذلك الطريق السليم بعيداً عن تعاطي المخدرات والسلوكيات المنحرفة الأخرى. وكذلك على الأسرة أن تطهر دائماً البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الابن من كل السلوكيات الخاطئة، وكل ما يسبب ذلك، وقد لوحظ في الفترة الأخيرة انتشار أجهزة الفيديو داخل المنازل وغالباً ما يستقدم الآباء أو الأبناء بعض الأفلام التي تدعو للانحراف بطريق غير مباشر، وعلى الآباء هنا مراقبة الأبناء وعدم استقدام أي أفلام تدعو إلى سلوكيات شاذة، خاصة أن بعض الأفلام حتى التي تحارب المخدرات وانتشارها يكون فيهاـ بطريقة غير مقصودة ـ أمور تدفع الفرد لاقتحام سور الممنوع، وهذا سبب انتشار المخدرات، بل تظهر على البطل في الفيلم علامات النشوة والابتهاج عند تعاطي المخدرات للمرات الأولى أو غير ذلك وهناك مجموعة من الأمور يجب على الأسرة مراعاتها للوقاية من تعاطي الأبناء للمخدرات أهمها:

-
يجب أن تُعَوِّد الأسرة أبناءها على استثمار وقت الفراغ في عمل مفيد.

-
يجب على الأسرة ألا تستقدم الخدم للعمل في المنزل قبل التأكد من حسن أخلاقهم.

-
يجب أن تنمي الأسرة جانب الصدق مع الأبناء والتحذير من الكذب وعواقبه الوخيمة.

-
يجب أن تشرف الأسرة على اختيار أبنائهم لأصدقائهم، سواء في المنزل أو المدرسة أو النادي أو غيره.

-
يجب على الأسرة أن تتابع الأبناء دراسياً، خاصة عند الرسوب أو التخلف الدراسي؟.

-
يجب على الأسرة أن تستقدم للأبناء وسائل ترويح مفيدة، وكذلك اقتيادهم للأندية الرياضية والاجتماعية مع المراقبة عليهم.

-
يجب ألا تتمادى الأسرة في خروج الأم للعمل خارج المنزل إلا في حالات الضرورة القصوى، كفقد العائل أو ضآلة راتبه مثلاً.

-
يجب على الأسرة أن تعود أبناءها على حضور الصلاة في جماعة في المسجد دائماً من خلال ترغيب وترهيب جيد، حتى يمكن لها أن تقيهم من الانزلاق إلى الرذيلة والاستجابة لدعاة الشر والفساد من رواد تعاطي المخدرات.

-
كما يجب عليها أيضاً أن تقوي صلة الأبناء بالله والتقرب إليه لملء الفراغ الروحي لديهم، وإنما يكون ذلك بوجود القدوة الصالحة وأسلوب التربية الرشيد.

دور وسائل الإعلام في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات والوقاية منها

إن وسائل الإعلام المختلفة في عالمنا المعاصر سواء كانت مسموعة أم مرئية أم مقروءة تعتبر من أهم المؤسسات التربوية ذات التأثير القوي على الرأي العام وتوجيه الأمة الوجهة الصحيحة المعدة لها.

ووسائل الإعلام كمؤسسات تربوية تمتاز بأن لديها قدرة عالية على جذب الناس من مختلف الأعمار ومن الجنسين، وهي أداة هامة من أدوات النهوض بالمجتمعات ثقافياً، كما أنها تمتاز بمميزات لا تتوافر في غيرها من وسائط الثقافة الأخرى، حيث إنها سريعة الاستجابة لنشر المستحدثات في مجال العلم والمعرفة والتطبيق، سريعة الإذاعة لها وقد مكنها من ذلك اعتمادها أساساً على أحدث وسائل العلم الحديث والتكنولوجيا

وإذا سلمنا بدور وسائل الإعلام في صياغة شخصية الفرد وتوجيهه، وتأثيرها على صياغة تفكيره بما تملك هذه المؤسسات الإعلامية من وسائل مطبوعة مثل: الكتب والصحف والمجلات والنشرات والملصقات، أو بالوسائل السمعية والمرئية: كالإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح والمهرجانات والمعارض، فلابد أن نسلم بدور هذه الوسائل والمؤسسات في علاج ظاهرة تعاطي المخدرات.

إن مواجهة ظاهرة تعاطي المخدرات عبر وسائل الإعلام تحتاج منا إلى خطة مدروسة تتوخى نشر المعلومات والحقائق المتعلقة بظاهرة تعاطي المخدرات بموضوعية كاملة، دون تهويل أو تهوين، مما يتطلب ذلك توظيف كافة الطاقات والكفاءات المتميزة بالإبداع بالتصدي لهذه الظاهرة من خلال البرامج المختلفة ونشر الوعي العلمي بين فئات المجتمع المهنية والعمرية

ولذلك فعلينا أن نوجه هذا المنبر التربوي الهام الوجهة التي تتفق مع ديننا الإسلامي الحنيف، واستخدامه في مواجهة ظاهرة تعاطي المخدرات مع مراعاة الأمور الآتية:


ü    اولا : توجيه هذه الوسائل الوجهة الصحيحة، حتى لا تكون سلاحًا ذا حدين، فلا تعرض أعمال تحارب المخدرات وأعمال أخرى تساعد على تعاطيها وانتشارها، وهذا يتطلب مراجعة كل ما يقدم من خلال هذه الوسائل مراجعة دقيقة حتى تتفق والهدف المطلوب.

ü    ثانيا:  عقد دورات تدريبية بصفة دائمة للقائمين على أمر هذه الوسائل وتزويدهم بالطرق والأساليب والمعلومات الصحيحة حول هذه الظاهرة وكيفية علاجها.

ü    ثالتا : أن تكون البرامج والمشروعات المقدمة من خلال هذه الوسائل التي غايتها محاربة ظاهرة تعاطي المخدرات وعلاجها متصفة بالسمات التي ترغِّب الشخص في الاستماع إليها والاستفادة بها، مع مراعاة الإخراج الجيد وبالشكل المناسب الجذاب، ومع مراعاة تجويد المحتوى، وأن تكون متفقة مع التعاليم الإسلامية وثقافتنا السائدة.

ü    رابعا : يجب أن تخاطب هذه البرامج كافة الأعمار، وبلغة يفهمها معظم الناس حتى تعم الفائدة من هذه البرامج.

ويجب أن ندرك جيداً عدم الاستخدام الأمثل لوسائل الإعلام، وعدم الاستفادة من جهودها المثمرة من العوامل التي تُمَكِّن الإدمان من نشر مخالبه في المجتمع لدرجة يصعب معها العلاج.

 
ختـــــــــــــــــــــاما :

مما لاشك فيه أن ظاهرة تعاطى المخدرات وادمانها تمثل مشكلة للدول كافة، المتقدمة والنامية وغير النامية على حد سواء، وتبذل الدول جهودا مضنية للسيطرة على مشكلة الإدمان ومكافحتها بكل السبل. وتتميز مصر بأنها من الدول الرائدة حقا عندما يكون الحديث عن مشكلة الإدمان، سواء على مستوى مكافحة العرض أو مواجهة الطلب. ولم تبخل الدولة بأجهزتها المختلفة بجهد او مال من أجل التعامل مع هذه المعضلة. ولعل أحد جوانب الريادة لمصر في هذا الموضوع هو ذلك النشاط البحثى المكثف والمتواصل والذي افضى إلى قاعدة من البيانات الضخمة التى تشكل الاساس المتين لجهود العلاج والوقاية. وفي عام 1991 تم إنشاء صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى بقرار جمهوري، وأسندت المسئولية عنه لرئيس مجلس الوزراء، ويقوم الصندوق منذ إنشائه بجهود متميزة فى مجال الوقاية من خلال عقد اللقاءات والندوات الجماهيرية وفى مراكز التجمعات كالمدارس والجامعات والنوادي ومراكز الشباب وغيرها، ومن خلال البرامج التدريبية للكوادر المختلفة كالأطباء والاخصائيين النفسيين والاجتماعيين، والدعاة، ورجال الأمن وغيرهم. كما أضيف لأنشطة الصندوق الخدمة العلاجية المجانية والتى تتحمل الدولة منها النصيب الأوفر لمن وقعوا فى براثن الإدمان من خلال خدمات الخط الساخن.

وفي خضم هذه المعركة ومع كل ما يبذل وينفق، ومع كل الجهود المخلصة والمتخصصة تخرج علينا بين الحين والآخر ومن خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية أصوات لتدلي بدلوها فى موضوع تعاطي المخدرات والإدمان دون معرفة مسبقة، ودون أن يكون لأحدهم اهتمام حقيقي بالظاهرة على مستوى البحث والدراسة، ودون أن يكون لأحدهم مؤلفات أو مساهمات من أى نوع فى هذا الموضوع الذى يتسم بالتعقيد والخطورة والحساسية أيضا، ولا يتورع هؤلاء المتحدثين عن الادلاء ببيانات غير دقيقة ومعلومات مغلوطة، تتسم اما بالتهويل والمبالغة أو التهوين والتسطيح المؤذى، ولا تتعدى دوافعهم فى كل ذلك سـوى الشهرة الإعلامية الزائفة أو الدعاية المجانية لأنشطتهم الخاصة دون شعور بالمسئولية الخطيرة والأمانة والموضوعية التى يقتضيها مثل هذا الظهور أو التواجد الإعلامى، ومما يؤسف له أن بعض المشاركين فى ذلك هم من المتخصصين فى علم النفس ومن الأعضاء المنتسبين لرابطة الاخصائيين النفسيين المصرية. ونحن نهيب بهم وبغيرهم الأ يتورطوا فى مثل هذه المشاركات الضارة "ومن قال لا أعلم فقد افتى". كما نهيب بوسائل الإعلام المختلفة من خلال هذا المنبر أن نتوخى الدقة والحذر عند التعرض لمثل هذه الموضوعات الحساسة، حتى نكون جميعا شركاء فى البناء والمواجهة، بدلا من أن يبنى البعض، ويهدم البعض الأخر ما بناه غيرهم.. هذا والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.

عن الكاتب

sociomaroc

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

المعرفة