عالم الإجتماع الفرنسي ألان تورينAlain Tourine
بقلم: محمد المستاري
طالب باحث في علم الإجتماع
محتــــوى العـــــرض:
التعريف بألان تورين Alain Touraine:
لماذا تخصص ألان تورين في علم الإجتماع ؟
إنتقاد تورين السوسيولوجيا التقليدية و مبادئها:
سوسيولوجيا ألان تورين : " سوسيولوجيا الفعل "
* موضوع علم الإجتماع في منظور ألان تورين.
* مهمة علم الإجتماع في منظورألان تورين.
* عَالِم الإجتماع بالنسبة لألان توربن :
* المجتمع بالنسبة لألان تورين :
إسهامات ألان تورين في مجال علم الإجتماع :
سوسيولوجيا الحركات الإجتماعية. سوسيولوجيا المجتمعات التابعة.
الحركة الإجتماعية عند ألان تورين :
دور علم الإجتماع المعاصر من منظور ألان تورين :
خلاصة عامة عن ألان تورين
لائحة المراجع والمصادر :
" الحركة الإجتماعية الجديدة : لا تتشكل بالعمل السياسي و الصدام ، و لكن بتأثيرها في الرأي العام "
Alain Touraine.
التعريف بألان تورين Alain Touraine :
يعتبر ألان تورين من بين أهم علماء الإجتماع المعاصرين. وهو فرنسي الأصل، من مواليد سنة 1925، عمل باحثا في المجلس الوطني للبحوث الفرنسية حتى سنة 1958، أسس مركز دراسات علم الإجتماع العمل في جامعة تشيلي في سنة 1960، وأصبح باحثا في إيكول " إيتوديس " في العلوم بباريس، إشتهر بتطويره مفهوم مجتمع ما بعد الصناعي، إهتم بدراسة الحركات الإجتماعية، وكتب الكثير في هذا المجال، ويحظى تورين شهرة واسعة في أمريكا اللاتينية وفي أوربا، حصل في سنة 1998، على جائزة " أمالفي Amalfi "، الأوربية لعلم الإجتماع والعلوم الإجتماعية، وفي عام 2004 تلقى تورين درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة " فالبرايسو " في تشيلي، وفي سنة 2006 تلقى درجة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الوطنية في " سانت مارتن "، وفي ديسمبر 2006 من جامعة كولومبيا الوطنية، وفي سنة 2008 تلقى أيضا درجة دكتوراه فخرية من جامعة " مايوردي سان ماركوس " في ليما.
ألان تورين تأثر منذ شبابه بأشكال عديدة من الرفض السياسي، وبناء عليه، جعل تورين سوسيولوجيا مناضلا بكتاباته التي تتميز بجدة منظورها إذا لم نقل منظورها الثوري.
ِلألان تورين عدة مؤلفات فعلا أغنى بها المطبخ السوسيولوجي والتي من بينها: {{ نقد الحداثة سنة 1998 Critique de la modernité }}، {{ براديغم جديد: من أجل فهم عالم اليوم 2005 }}، {{ الحركات الإجتماعية }}، {{ ماهي الديمقراطية؟ }}، وعدة مؤلفات أخرى...
لماذا تخصص ألان تورين في علـم الإجتماع ؟
لـم يكن تسجيل ألان تورين لإسمه في الحقل السوسيولوجي إعتباطيا وتعسفيا أو صدفة من غير مبرر موضوعي، وإنما كان ذلك تأثراً منذ شبابه بأشكال عديدة من الرفض السياسي: رفض للحروب الإستعمارية '' العبثية الأليمة ''، ورفض لإشتراكية جي موليه ''الخائنة ''ورفض لذلك الخيار الذي فرضه مالرو على المثقفين الفرنسيين بين الديجولة والحزب الشيوعي. بناءً على هذه الظروف المقلقة، جعلت تورين مدفوعًا للإنتماء بروح النضال، والرغبة في المشاركة، والحلم بتغيير العالم.
ويؤكد تورين أيضا بأن إنتماءه للسوسيولوجيا ليس دافعًا شخصيًا بل هو شرط موضوعي لقيام السوسيولوجيا كعلم. يقول تورين:
'' إن يكن المرء عالم إجتماع اليوم هو أن يتأمل شروط وجود مجتمع جديد، و الطريقة التي يمكن بها للأزمة والقطيعة من جانب، والصراعات من جانب آخر، أن تتَّحد جميعًا لوضع تنظيم إجتماعي وثقافي جديد، من العبث الحلم بمجتمع مثالي مع نسيان التمزقات والإنقلابات التي توشك على الحدوث. ''
إنتقاد تورين السوسيولوجيا التقليدية و مبادئــها :
بدءًا بمسار ألان تورين السوسيولوجي أراد أن يتحرر من قيود المدرسة الوضعية في السوسيولوجيا وريثة أوغست كونتAugust Comte وإميل دوركهايم، والتي كانت تدرس الظواهر الإجتماعيةPhénomène Sociales متمثلة في القاعدة الأولى في منهج دوركهايم Durkheim بإعتبارها '' أشياء Des Choses '' خارجية لها وجودها المستقل عن الأفراد، بل لها قوة إلزامية وإكراهية وقهرية عليهم ( الأفراد )، الشئ الذي يوضح لنا بأن الوجود الموضوعي والمستقل للظاهرة الإجتماعية، يعنــي أن المجتمع والدولة هما الآلهة الجديدة عند دوركهايم Emile Durkheim. هذا من جهة، و من جهة أخرى، لم يكتفي تورين بتحرره من المدرسة الوضعية فحسب، بل عمل على تقديم وعرض عدة إنتقادات موضوعية تدعم تحرره من المدرسة التقليدية لكونها إهتمت على إختلاف مدارسها بدراسة النظام Système، أي دراسة المؤسسات: كالأسرة، والمدرسة، والمجتمع، والدولة، وهي بذلك تكرس سيطرة النظام الإجتماعي على الفاعلين Les actions وتغفل دراسة الجانب الآخر في المجتمع وهو - الحركات الإجتماعية Mouvements Sociales – التي يعبِّر بها الفاعلون عن ذواتهم في مواجهة وتصدي سيطرة وقهر هذه المؤسسات. الأمر المستحيل الذي لا يمكن لألان تورين أن يقبله البثة، لأن إنتماءه كان من أجل التغيير ورفض سيطرة النظام الإجتماعي على الفاعلين Les actions .
أما عن مبادئ السوسيولوجيا التقليدية فيرى تورين أنها مجرد صورة لنمط خاص: تطابق النسق الإجتماعي مع الدولة القومية، الشئ الذي يعطي مكانا مركزيا لفكرة المؤسسة Etablissement ، وتحليل منظومات إحصائية محددة محل مستوى المشاركة الإجتماعية رُغمَا من أن هذه الأخيرة مبدء أساسي في السوسيولوجيا إذا ما إعتبرناها مُشَارِكَةَ و نِضَالِيَّةَ .
سوسيولوجيا ألان تورين : ' سوسيولوجيا الفعل '
إن من الأمور البديهية في نطاق القارة السوسيولوجية " أن كل سوسيولوجي يبتكر سوسيولوجياه "، " و أن السوسيولوجيا بنت عصرها ".
فإذا كانت سوسيولوجيا أوغست كونت ومعه إميل دوركهايم، بل والمدرسة الوضعية عموما قائمة على دراسة النظام، أي المؤسسات فيعتبرها ألان تورين أنها تكرس النظام الإجتماعي على الفاعلين.
وإذا كانت سوسيولوجيا كارل ماركسKarl Marx قائمة على فكرة أن ' الحياة الإجتماعية مؤسسة على علاقة تقوم على السيطرة ' في مواجهة سوسيولوجيا فيبر Max Weber ' القائمة على فكرة أن الفاعل توجهه دائما قيم معينة '. فيعتبر تورين أن سوسيولوجياه '' سوسيولوجيا الفعل ''، وهي ما يقصده الإثنان: ( فاعلين متعارضين عبر علاقات سيطرة، و صراعات، لديهم نفس التوجهات الثقافية والأنشطة التي تنتجها ) وبالتالي، فإن مفاهيم ومناهج علم الإجتماع الكلاسيكي، ذي الطبيعة الميكانيكية والقاصرة على المجتمع الصناعي، تتزعزع، بل وتنهار في علم الإجتماع الجديد، و هو '' سوسيولوجيا الفعل ''، سوسيولوجيا الحركات الإجتماعية تحديدا.
موضوع علم الإجتماع في منظور ألان تورين :
يعتبر ألان تورين أن الموضوع الرئيسي لعلم الإجتماع هو دراسة التصرفات الإجتماعية التي ترتبط بالتاريخية، أي بعلاقات وصراعات الطبقات، وهي ما ندعوه "بالحركات الإجتماعية Mouvements Sociales"، فالسوسيولوجيا في نظر تورين لا تفترض الصدفة والتعسفية، ولكن يجب أن تكون نضالية بل وثورية لتحرير الفاعل الإجتماعي من تكريس النظام الإجتماعي وقيوده.
مهمة علم الإجتماع بالنسبة لألان تورين :
يرى ألان تورين أن مهمة علم الإجتماع هــي : (( أن يُقّْرَ لنفسه بهدف و وظيفة )) وليس كما جعلها فيبر Weber ( أي مهمة علم الإجتماع ) هي: (( فقط كيفية فهم النظام الإجتماعي ))، فتورين يحدِّد أهمية علم الإجتماع إنطلاقا من النضال الدائم والمستمر ضداً على الوضعية الزائفة للنظام القائم وخطاباته التبريرية، وعلاوة على ذلك، يرى ألان تورين أن مهمة علم الإجتماع في وضعه الجديد يجب أن يكون ذا الدور الإيجابي Rôle Positive الذي يمثل دينامية علم الإجتماع والتي تنعكس بالضرورة لا محال على الباحث الإجتماعي وتؤثر في أدواته المنهجية وغاياته.
'' علم الإجتماع الجديد يساهم في أن يتصرف أعضاء المجتمع كفاعلين بقدر الإمكان. وأن يتخلص المجتمع نفسه من نظامه وأيديولوجياته وبلاغته عن طريـق إبداع نظـمًا للفعل بواسطتها تصيغ المنظومة الإجتماعيـة بإستمـرار نفسـها... فهدف علم الإجتماع هو تنشيط المجتمع .''
عَالِمُ الأجتماع بالنسبة لألان تورين :
يقول تورين Alain Touraine:
'' الإنسان السوسيولوجي لا تقوده مصلحته، ولكن ما ينتظر منه ''
من هنا، يتضح تأكيد ألان تورين على أن مهمة عالم الإجتماع هي النضال من أجل التغيير، ومساعدة الفاعلين على التحرر من ضغوطات النظام الإجتماعي الإلزامي والإكراهي على نشاطهم، ويؤكد أيضا على مساعدة المجتمعات على الفعل Action، على صنع تاريخها، في غِنًى عن المصالح والإغواءات الشخصية.
نلمح من ألان تورين نزوع إنساني بفضل إنتقاده للمثقفين والسوسيولوجيين الذين ساهموا في فرض سيطرة الفكر على الفاعلين بدون مساعدتهم على مقاومة النظم كما هو الشأن لـ مشيل فوكو وبيير بورديو ، في فردهم لمثل هذه السيطرة. يقول تورين :
'' أنا مثـل الآخريـن معجب بمثقفـي هذا البلد عندما يبتكرون ممارسات بحثيـة جديـدة، وعندما يمسكون بجوانب خبيثة في حياة المجتمـع كما بفعل شتراوس وفوكو... ولكن إذا لم يكـن لنا دور آخـر من الأفضل للمرء أن يهاجر عـن أن يكون مقلدًا أو مفسرًا... لماذا نكون نحـن علماء إجتماع إذا لم يكن مـن أجـل مساعدة المجتمعـات على الفعل، على صنع تاريخـها، بدلاً مـن أن ننسـاق إلى الإغتراب والخضوع واللاوعـي . ''
المجتمع بالنسبة لألان تورين :
إن المجتمع وفقا للطرح التوريني هو ما ينبغي أن يكون لديه تنظيم و إستمرارية، فعلى مستوى النظام المجتمع هو مجموعة وظائف لا تتم إلا من خلال الضبط Contrôle ( ضبط العلاقات، من خلال الوظائف ). أمَّا على مستوى الإستمرارية فيمكن قراءة المجتمع في حركاته ودينامياته لا أندرسه في سكناته. فشرط التنظيم مضافًا إليه شرط الإستمرارية هو ما يمنح المجتمع معناه المحتمل، فالمجتمع ينتج تاريخا ويؤثر في بنياته عن طريق إرادتي: " الفعل " و" التغير "، ...
إسهامات ألان تورين الفكرية في مجال علم الإجتماع :
ألان تورين ليس مجرد عابر في السوسيولوجيا كما مَرَّ ويَمُر العديد من الباحثين، ولكن له حضور قوي ومعلن، فتورين إنطلاقا من همومه السياسية إستطاع أن يبلور جهوده الفكرية إذا لم نقل الثورية في مجال علم الإجتماع. و قد وصلت هذه الجهود إلى حد الرِّيادة في مجالين وموضوعين هامين من مجالات علم الإجتماع :
سوسيولوجياالحركات الإجتماعية :
إن هدف الحركة الإجتماعية الحديثة عند ألان تورين هو تحرير الذات التي تمثل إليه مفهوم الفاعل الإجتماعي أي المفهوم الذي يجعل للعلاقة الإجتماعية بعدًا أصيلاً في الفرد. كما يؤكد تورين أن الحركة الإجتماعية تكون عن وعي الأفراد بذواتهم في غنى عن تشكل نِقابة سياسية من أجل الدفاع عن مطالبهم. يقول تورين: " الحركة الإجتماعية الجديدة: لاتتشكل بالعمل السياسي والصدام، ولكن بتأثيرها في الرأي العام".
سوسيولوجيا المجتمعات التابعة :
بفضل إقامة ألان تورين الطويلة في أمريكا اللاتينية وشيلي خصوصًا، إكتشف تورين أن علم الإجتماع الغربي ليس فعالاً في دراسة مجتمعات العالم الثالث، وبالتالي قام بتطوير سوسيولوجيا التنمية التي تعني سوسيولوجيا الإنتقال من مجتمع لآخر، ويعرف تورين المجتمعات التابعة بأنها المجتمعات التي تقود التنمية والتصنيع فيها برجوازية أجنبية، ويعتبر تورين أن السوسيولوجيا في العالم الثالث هي أعقد بكثير، لأن البرجوازية هي التي تعمل ولكنها أجنبية. و بالتالي فإن وظائف وأدوار المكونات الإجتماعية مثل الدولة Etat، الطبقةClass ، المؤسسات Etablissements، وباقي الفاعلين، تختلف إختلافًا جذريًا عن مثيلاتها في علم الإجتماع الكلاسيكي. ومن هنا، كان الجهد الذي بدله تورين في بلورة سوسيولوجيا المجتمعات التابعة.
الحركة الإجتماعية عند ألان تورين :
تعتبر الحركة الإجتماعية من بين أهم المباحث الأساسية التي إشتغل عليها ألان تورين، وتعني بالنسبة له تحديداً، أن ما يقوم به الفاعلون les Actions ليس مجرد ردود أفعال تجاه تكريس المؤسسات الإجتماعية Etablissements Sociales عليهم، ولكنهم ينتجونها ويحددونها بتوجهاتهم الثقافية وبالصراعات الإجتماعية المنخرطين فيها.
إن إحتفاء ألان تورين بالحركة الإجتماعية ودورها في الثقافة المعاصرة جعله ينتقد كل من" ماركيوز" و" فوكو " و" ألتوسير " و" بورديو "، حينما رأوْا أن الحركة الإجتماعية مجرد تمرد يتم على هامش المجتمع دون تأثير كبير. بدعوى أن المجتمع المعاصر أصبح يميل أكثر فأكثر إلى التسلط والمراقبة المحكمة، بحيث أن الحياة الإجتماعية لم تعد إلا تجليات لسيطرة مطلقة.
يعتبر ألان تورين أن إنتقادات " ماركيوز " و" فوكو " و" ألتوسير " و" بورديو " للحركة الإجتماعية قد ينسحب عليها في شكلها ودورها النقابي القديم المرتبط بالعمل السياسي من فئة نقابية تطالب بحقوقهم. لكن، ألان تورين يعتبر الحركة الإجتماعية الجديدة من وجهته :
'' لا تتـشكل بالعـمل السيـاسـي و الصـدام، ولكـن بتأثيـرهـا فـي الرأي العـام ''
فهنا، نتحدث عن حركة إجتماعية جديدة لها تأثيرها، وقائمة على وعي وقناعة بخلاف الحركة ' الباردة ' أو المتشكلة بالعمل السياسي والمرتبطة بالمجتمع الصناعي أساساً.
تتميز الحركة الإجتماعية الجديدة عند ألان تورين بقدر معين من التنظيم و الإستمرارية اللذان من خلالهما تسعى إلى الفعالية في إعادة إنتاج تاريخ الأنساق الإجتماعية، كما تتميز كونها لا توجد في المجتمع الصناعي ولا في المجتمع قبل الصناعي.
ويؤكد ألان تورين بأن الحركة الإجتماعية هي التي من خلالها يمكن أن ندافع عن هويتنا، وإستقلالنا الذاتي، وحريتنا من الخضوع والخنوع للسيطرة. لدى نجد تورين يلح بالدفاع عن الحقوق كأفراد بمبدأ المقاومة وشرعية السلوك الذي يتمثل في الحركة الإجتماعية المستمرة والتي من المستحيل السيطرة عليها.
يؤسس ألان تورين الحركة الإجتماعية على ثلاثة مبادئ أساسية :
مبدء الهوية : ويقصد ألان تورين بمبدأ الهوية ضرورة تحديد الهوية الذاتية التي يمكن أن تكون متعددة ومركبة ( مجموعة، طبقة، شريحة إجتماعية...) وبمقابلها أيضًا يجب تحديد هوية الخصم أي يجب أن تكون هناك فكرة وقضية.
مبدأالتعارض : يفترض مبدأ التعارض في الحركة الإجتماعية تحديد الخصم، أي يجب أن يكون الخصم الذي قائمة عليه الحركة واضحًا وموضوعيًا. أو بصيغة أخرى يكون لسؤال: لماذا الحركـة الإجتماعية؟ جوابًا واضحًا مثل: الحركة العمالية ضد تنظيم العمل، من أجل الإستقلال العمالي.
مبدأ الكلية : ويقصد ألان تورين بهذا المبدأ أن تكون الحركة الإجتماعية مكونة من وعي جمعي وبصيغة جمعية وشمولية لا أقلية وفردية من أجل النجاح في التأثير على الرأي العام والحصول على الحقوق والمطالب، لأنه إذا كانت هناك حركة كلية شمولية فمن المستحيل السيطرة عليها. وإستنتاجا من مبدأ الكلية عند ألان تورين، الحركة الإجتماعية لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل الوعي بالسيطرة على حقوقهم. وأن الحقوق لا يمكن أن ترجع إليهم. لأن الحقوق لا يتمتع بها المغفَّلين.
إشتغل تورين على الفعل الإحتجاجي والعمل النقابي والحركات الطلابية و الحركات الجديدة لأنصار البيئة ومناهضي العولمة المجازفة والرأسمالية المتوحشة، كما نجده شارك في الإحتجاجات ضد الحروب الإستعمارية التي خاضتها بلاده فرنسا منذ شبابه قبل شعوره بالأخوة مع المثقفين والعمال الذين كانوا يرفضون الديكتاتورية الشيوعية في بودابست...
يلخص ألان تورين هدفه من الحركة الإجتماعية الجديدة في تحديد إرادة الحصول على حقوق جديدة، وفرض الإعتراف بالحقوق الواجبة المحتكرة عليهم، كما يستمر ألان تورين في تأكيده على الإنضمام في الحركة الإجتماعية الجديدة التي تمثل كما سبق الذكر الدفاع عن الهوية والمصالح الخاصة و النضال ضدا على الخصم.
دور علم الإجتماع المعاصر في منظور ألان تورين :
يرصد ألان تورين أنه في كل مرحلة من تطور المجتمع هناك علم يمثل موقعًا مركزيًا ويكون بالغ التأثير. كالإقتصاد في المجتمع الصناعي والفلسفة السياسية في المجتمعات التجارية قبل الثورة الصناعية، أما اليوم فهذا الموقع يمثله علم الإجتماع المعاصر. كونه أصبح بؤرة الحياة الثقافية المعاصرة. كما أصبح دوره إيجابيًا في إنتاج المجتمع.
كما يتمثل دور علم الإجتماع المعاصر أيضًا في تنشيط المجتمع ومساعدة المجتمعات على الفعل، على صنع تاريخها، ومساعدة الفاعلين على التحرر من سجن و قيود المؤسسات الإجتماعية التي تكرس النظام على نشاطهم وتجعل من حركاتهم الإجتماعية ضد خصومها على هامش المجتمع من غير تأثير ولا فعالية.
وعلاوة على ذلك، فدور علم الإجتماع المعاصر يرتبط إرتباطًا قويًا بروح النضال وتغيير العالم. أي من عالم الصراعات والحروب والرأسمالية والأوهام الراسخة إلى عالم يعترف بالفاعلين الإجتماعيين وإرادتهم في إنتاج وإعادة الإنتاج.
خلاصة عامة عن ألان تورين :
إستخلاصًا لإنجازات ألان تورين وإسهاماته الفكرية المتنوعة، نلحظ بأنه ليس عابرًا في الميدان السوسيولوجي، ولكن له حضور قوي ومتميز، جعله يعد من كبار وعمالقة هذا العلم، فيما يخص تحليله العميق وجدَّة منظوره إذا لم نقل منظوره الثوري. إلى جانب صياغته لبراديغم Paradigme قوي حاول من خلاله إبعاد الكثير من السوسيولوجيين الذين يستهدفون الحصول على مصالحهم الذاتية نتيجة للإغواءات الأيديولوجية. " الإنسان السوسيولوجي لاتقوده مصلحته ولكن ما يتوقع منه"
ألان تورين طالما أمد الحقل السوسيولوجي بالعديد من الإسهامات والمفاهيم العديدة من قبيل الفاعل الإجتماعي، والحركة الإجتماعية، والمجتمع المبرمج أو ما بعد الصناعي.
ألان تورين ومع التأكيد من عمالقة علم الإجتماع الذين ساهموْا في إغناء السوسيولوجيا بجهاز مفاهيمي ثري. ومن علماء الإجتماع الذين لهم نزوع إنساني وخوف على العالم من الحروب والصراعات، والعولمة والحداثة المجازفة، لذا نراه دائم النضال بأفكاره ومنجزاته القوية والثورية...
لائحة المراجع والمصادر :
- ألان تورين، نقد الحداثة la Critique de la Modernité، ترجمة أنور مغيث، المجلس الأعلى للثقافة 1998.
- Alain Touraine, le reteur de l’acteur, Paris, Fayard, 1984.
- عبد الرحيم العطري، الحركات الإحتجاجية بالمغرب، دفاتر وجهة نظر، الرباط، 2008.
بقلم : محمد المستاري
طالب باحث في علم الإجتماع
المغرب
السوسيولوجي الحقيقي هو الذي يأتي براديغم جديد
ردحذف